الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **
قال الله تعالى: قال: [والولاء لمن أعتق وإن اختلف ديناهما] أجمع أهل العلم على أن من أعتق عبدا, أو عتق عليه ولم يعتقه سائبة أن له عليه الولاء والأصل في هذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( الولاء لمن أعتق )) وأجمعوا أيضا على أن السيد يرث عتيقه إذا مات جميع ماله, إذا اتفق ديناهما ولم يخلف وارثا سواه وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( الولاء لحمة كلحمة النسب )) والنسب يورث به ولا يورث, كذلك الولاء وروى سعيد عن عبد الرحمن بن زياد حدثنا شعبة, عن الحكم عن عبد الله بن شداد قال: (( كان لبنت حمزة مولى أعتقه, فمات وترك ابنته ومولاته فأعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- ابنته النصف, وأعطى مولاته بنت حمزة النصف )) قال: وحدثنا خالد بن عبد الله عن يونس عن الحسن, قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( الميراث للعصبة فإن لم يكن عصبة فللمولى )) وعنه (( أن رجلا أعتق عبدا, فقال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: ما ترى في ماله؟ قال: إن مات ولم يدع وارثا فهو لك )). ويقدم المولى في الميراث على الرد وذوى الأرحام في قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم, فإذا مات رجل وخلف بنته ومولاه فلبنته النصف, والباقي لمولاه وإن خلف ذا رحم ومولاه فالمال لمولاه دون ذى رحمه وعن عمر وعلى يقدم الرد على المولى وعنهما وعن ابن مسعود تقديم ذى الأرحام على المولى ولعلهم يحتجون بقول الله تعالى: وإن اختلف دين السيد وعتيقه فالولاء ثابت لا نعلم فيه خلافا لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( الولاء لمن أعتق )) ولقوله: (( الولاء لحمة كلحمة النسب )) ولحمة النسب تثبت مع اختلاف الدين وكذلك الولاء, ولأن الولاء إنما يثبت له عليه لإنعامه بإعتاقه وهذا المعنى ثابت مع اختلاف دينهما ويثبت الولاء للذكر على الأنثى, والأنثى على الذكر ولكل معتق لعموم الخبر والمعنى, ولحديث عبد الله بن شداد وهل يرث السيد مولاه مع اختلاف الدين؟ فيه روايتان إحداهما يرثه روى ذلك عن على وعمر بن عبد العزيز وبه قال أهل الظاهر واحتج أحمد بقول على: الولاء شعبة من الرق وقال مالك: يرث المسلم مولاه النصراني لأنه يصلح له تملكه, ولا يرث النصراني مولاه المسلم لأنه لا يصلح له تملكه وجمهور العلماء على أنه لا يرثه مع اختلاف دينهما لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم )) ولأنه ميراث فيمنعه اختلاف الدين كميراث النسب ولأن اختلاف الدين مانع من الميراث, فمنع الميراث بالولاء كالقتل والرق يحققه أن الميراث بالنسب أقوى, فإذا منع الأقوى فالأضعف أولى ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ألحق الولاء بالنسب بقوله: (( الولاء لحمة كلحمة النسب )) وكما يمنع اختلاف الدين التوارث مع صحة النسب وثبوته, كذلك يمنعه مع صحة الولاء وثبوته فإذا اجتمعا على الإسلام, توارثا كالمتناسبين وهذا أصح في الأثر والنظر -إن شاء الله تعالى-, فإن كان للسيد عصبة على دين العبد ورثه دون سيده وقال داود: لا يرث عصبته مع حياته ولنا أنه بمنزلة ما لو كان الأقرب من العصبة مخالفا لدين الميت والأبعد على, دينه ورث دون القريب. وإن أعتق حربي حربيا فله عليه الولاء لأن الولاء مشبه بالنسب والنسب ثابت بين أهل الحرب, فكذلك الولاء وهذا قول عامة أهل العلم إلا أهل العراق فإنهم قالوا: العتق في دار الحرب والكتابة والتدبير لا يصح, ولو استولد أمته لم تصر أم ولد مسلما كان السيد أو ذميا أو حربيا ولنا, أن ملكهم ثابت بدليل قول الله تعالى: ولا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا أن يأذن لمولاه فيوالى من شاء روى ذلك عن عمر وعلي, وابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وبه قال سعيد بن المسيب, وطاوس وإياس بن معاوية والزهري, ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وكره جابر بن عبد الله بيع الولاء قال سعيد: حدثنا جرير, عن مغيرة عن إبراهيم قال: قال عبد الله: إنما الولاء كالنسب فيبيع الرجل نسبه وقال: حدثنا سفيان, عن عمرو بن دينار أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس وكان مكاتبا وروى أن ميمونة وهبت ولاء مواليها للعباس وولاؤهم اليوم لهم وأن عروة ابتاع ولاء طهمان لورثة مصعب بن الزبير وقال ابن جريج: قلت لعطاء أذنت لمولاى أن يوالى من شاء فيجوز؟ قال: نعم ولنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وعن هبته وقال: (( الولاء لحمة كلحمة النسب )) وقال: (( لعن الله من تولى غير مواليه )) ولأنه معني يورث به فلا ينتقل كالقرابة وفعل هؤلاء شاذ يخالف قول الجمهور, وترده السنة فلا يعول عليه. ولا ينتقل الولاء عن المعتق بموته ولا يرثه ورثته, وإنما يرثون المال به مع بقائه للمعتق هذا قول الجمهور وروى نحو ذلك عن عمر وعلى وزيد, وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عمر, وأبي مسعود البدرى وأسامة بن زيد وبه قال عطاء وطاوس, وسالم بن عبد الله والحسن وابن سيرين, والشعبي والزهري والنخعي, وقتادة وأبو الزناد وابن قسيط ومالك والثوري, والشافعي وإسحاق وأبو ثور, وأصحاب الرأي وداود وشذ شريح وقال: الولاء كالمال, يورث عن المعتق فمن ملك شيئا حياته فهو لورثته ورواه حنبل ومحمد بن الحكم, عن أحمد وغلطهما أبو بكر وهو كما قال فإن رواية الجماعة عن أحمد مثل قول الجماعة وذلك لقوله عليه السلام: (( الولاء للمعتق )) وقوله: (( الولاء لحمة كلحمة النسب )) والنسب لا يورث وإنما يورث به, ولأنه معنى يورث به فلا ينتقل كسائر الأسباب والله تعالى أعلم. قال: [ومن أعتق سائبة, لم يكن له الولاء فإن أخذ من ميراثه شيئا رده في مثله] قال أحمد, في رواية عبد الله: الرجل يعتق عبده سائبة هو الرجل يقول لعبده: قد أعتقتك سائبة كأنه يجعله لله لا يكون ولاؤه لمولاه, قد جعله لله وسلمه عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود: السائبة يضع ماله حيث شاء وقال أحمد قال عمر: السائبة والصدقة ليومها ومتى قال الرجل لعبده: أعتقتك سائبة, أو أعتقتك ولا ولاء لي عليك لم يكن له عليه ولاء فإن مات وخلف مالا ولم يدع وارثا, اشترى بماله رقاب فأعتقوا في المنصوص عن أحمد وأعتق ابن عمر عبدا سائبة فمات, فاشترى ابن عمر بماله رقابا فأعتقهم وقال عمر بن عبد العزيز والزهري ومكحول, وأبو العالية ومالك: يجعل ولاؤه لجماعة المسلمين وعن عطاء أنه قال: كنا نعلم أنه إذا قال: أنت حر سائبة فهو يوالى من شاء ولعل أحمد -رحمه الله- ذهب إلى شراء الرقاب استحبابا لفعل ابن عمر والولاء للمعتق وهذا قول النخعي, والشعبي وابن سيرين وراشد بن سعد, وضمرة بن حبيب والشافعي وأهل العراق لقوله عليه السلام: (( الولاء لمن أعتق وجعله لحمة كلحمة النسب )) فكما لا يزول نسب إنسان ولا ولد عن فراش بشرط, لا يزول ولاء عن معتق ولذلك لما أراد أهل بريرة اشتراط ولائها على عائشة قال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( اشتريها واشترطى لهم الولاء, فإنما الولاء لمن أعتق )) يعني أن اشتراطهم تحويل الولاء عن المعتق لا يفيد شيئا ولا يزيل الولاء عن المعتق وروى مسلم بإسناده عن هزيل بن شرحبيل, قال: جاء رجل إلى عبد الله فقال: إني أعتقت عبدا لي وجعلته سائبة, فمات وترك مالا ولم يدع وارثا, فقال عبد الله: إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون وأنت ولى نعمته, فإن تأثمت وتحرجت من شيء فنحن نقبله ونجعله في بيت المال وقال سعيد: ثنا هشيم ثنا بشر, عن عطاء أن طارق بن المرقع أعتق سوائب فماتوا, فكتب إلى عمر رضي الله عنه فكتب عمر أن ادفع مال الرجل إلى مولاه فإن قبله وإلا فاشتر به رقابا فأعتقهم عنه وقال: حدثنا هشيم عن منصور, أن عمر وابن مسعود قالا في ميراث السائبة: هو للذى أعتقه وهذا القول أصح في الأثر والنظر وفي المواضع التي جعل الصحابة ميراثه لبيت المال أو في مثله كان لتبرع المعتق وتورعه عن ميراثه, كفعل ابن عمر في ميراث معتقه وفعل عمر وابن مسعود في ميراث الذي تورع سيده عن أخذ ماله وقد روى أن سالما مولى أبي حذيفة أعتقته لبني بنت يعار سائبة فقتل وترك ابنة, فأعطاها عمر نصف ماله وجعل النصف في بيت المال وعلى القول المنصوص عن أحمد إن خلف السائبة مالا, اشترى به رقاب فأعتقوا فإن رجع من ميراثهم شيء اشترى به أيضا رقاب فأعتقوا وإن خلف السائبة ذا فرض لا يستغرق ماله, أخذ فرضه واشترى بباقيه رقاب فأعتقوا ولا يرد على ذى الفرض. وإن أعتق عبدا عن كفارته أو نذره أو من زكاته, فقال أحمد في الذي يعتق من زكاته: إن ورث منه شيئا جعله في مثله قال: وهذا قول الحسن وبه قال إسحاق وعلى قياس ذلك العتق من الكفارة والنذر لأنه واجب عليه وقد روى عن أحمد أنه قال في الذي يعتق في الزكاة: ولاؤه للذى جرى عتقه على يديه وقال مالك والعنبرى: ولاؤه لسائر المسلمين, ويجعل في بيت المال وقال أبو عبيد: ولاؤه لصاحب الصدقة وهو قول الجمهور في العتق في النذر والكفارة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( الولاء لمن أعتق )) ولأن عائشة اشترت بريرة بشرط العتق فأعتقتها, فكان ولاؤها لها وشرط العتق يوجبه ولأنه معتق عن نفسه فكان الولاء له كما اشترط عليه العتق فأعتق ولنا أن الذي أعتق من الزكاة معتق من غير ماله, فلم يكن له الولاء كما لو دفعها إلى الساعى فاشترى بها وأعتق وكما لو دفع إلى المكاتب مالا, فأداه في كتابته وفارق من اشترط عليه العتق فإنه إنما أعتق ماله والعتق في الكفارة والنذر واجب عليه, فأشبه العتق من الزكاة وذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يعتق من الزكاة وعلل بعضهم المنع من ذلك بأنه يجر الولاء إلى نفسه فينتفع بزكاته وهذا قول لأحمد رواه عنه جماعة وهو قول النخعي, والشافعي. قال: [ومن ملك ذا رحم محرم عتق عليه وكان ولاؤه له] ذو الرحم المحرم: القريب الذي يحرم نكاحه عليه لو كان أحدهما رجلا والآخر امرأة وهم الوالدان وإن علوا من قبل الأب والأم جميعا والولد وإن سفل من ولد البنين والبنات, والإخوة والأخوات وأولادهم وإن سفلوا والأعمام والعمات والأخوال والخالات دون أولادهم فمتى ملك أحدا منهم عتق عليه روى ذلك عن عمر, وابن مسعود رضي الله عنهما وبه قال الحسن وجابر بن زيد وعطاء, والحكم وحماد وابن أبي ليلى, والثوري والليث وأبو حنيفة, والحسن بن صالح وشريك ويحيى بن آدم وأعتق مالك الوالدين والمولودين وإن بعدوا, والإخوة والأخوات دون أولادهم ولم يعتق الشافعي إلا عمودى النسب وعن أحمد رواية كذلك ذكرها أبو الخطاب ولم يعتق داود وأهل الظاهر أحدا حتى يعتقه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه, فيعتقه )) رواه مسلم ولنا: ما روى الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( من ملك ذا رحم محرم فهو حر )) رواه أبو داود, والترمذي وقال حديث حسن ولأنه ذو رحم محرم فيعتق عليه بالملك, كعمودى النسب وكالإخوة والأخوات عند مالك فأما قوله: " حتى يشتريه فيعتقه " فيحتمل أنه أراد يشتريه فيعتقه بشرائه له كما يقال: ضربه فقتله, والضرب هو القتل وذلك لأن الشراء لما كان يحصل به العتق تارة دون أخرى جاز عطف صفته عليه كما يقال: ضربه فأطار رأسه ومتى عتق عليه, فولاؤه له لأنه يعتق من ماله بسبب فعله فكان ولاؤه له, كما لو باشر عتقه وسواء ملكه بشراء أو هبة, أو غنيمة أو إرث أو غيره لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا. ولا خلاف في أن المحارم من غير ذوى الأرحام لا يعتقون على سيدهم, كالأم والأخ من الرضاعة والربيبة وأم الزوجة, وابنتها إلا أنه حكى عن الحسن وابن سيرين وشريك, أنه لا يجوز بيع الأخ من الرضاعة وروى عن ابن مسعود أنه كرهه والأول أصح قال الزهري: جرت السنة بأن يباع الأخ والأخت من الرضاع ولأنه لا نص في عتقهم ولا هم في معنى المنصوص عليه فيبقون على الأصل, ولأنهما لا رحم بينهما ولا توارث ولا تلزمه نفقته فأشبه الربيبة وأم الزوجة. وإن ملك ولده من الزنى, لم يعتق عليه على ظاهر كلام أحمد لأن أحكام الولد غير ثابتة فيه وهي الميراث والحجب والمحرمية, ووجوب الإنفاق وثبوت الولاية له عليه ويحتمل أن يعتق لأنه جزؤه حقيقة وقد ثبت فيه حكم تحريم التزويج ولهذا لو ملك ولده المخالف له في الدين, عتق عليه مع انتفاء هذه الأحكام. قال: [وولاء المكاتب والمدبر لسيدهما إذا أعتقا] هذا قول عامة الفقهاء وبه يقول الشافعي وأهل العراق وحكى ابن سراقة عن عمرو بن دينار, وأبي ثور أنه لا ولاء على المكاتب لأنه اشترى نفسه من سيده فلم يكن له عليه ولاء, كما لو اشتراه أجنبي فأعتقه وكان قتادة يقول من لم يشترط ولاء المكاتب فلمكاتبه أن يوالى من شاء وقال مكحول: أما المكاتب إذا اشترط ولاءه مع رقبته فجائز ولنا, أن السيد هو المعتق للمكاتب لأنه يتبعه بماله وماله وكسبه لسيده فجعل ذلك له, ثم باعه به حتى عتق فكان هو المعتق وهو المعتق للمدبر بلا إشكال, وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( الولاء لمن أعتق )) ويدل على ذلك أن المكاتبين يدعون موالى مكاتبيهم فيقال: أبو سعيد مولى أبي أسيد وسيرين مولى أنس, وسليمان بن يسار مولى ميمونة وقد وهبت ولاءه لابن عباس وكانوا مكاتبين, وكذلك أشباههم ويدل على ذلك أن في حديث بريرة (( أنها جاءت عائشة فقالت: يا أم المؤمنين إني كاتبت أهلى على تسع أواق فأعينيني فقالت عائشة: إن شاءوا عددت لهم عدة واحدة ويكون ولاؤك لي فعلت فأبوا أن يبيعوها إلا أن يكون الولاء لهم فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: اشتريها واشترطى لهم الولاء )) وهذا يدل على أن الولاء كان لهم لو لم تشترها منهم عائشة. وإن اشترى العبد نفسه من سيده بعوض حال عتق والولاء لسيده لأنه يبيع ماله بماله, فهو مثل المكاتب سواء والسيد هو المعتق لهما فالولاء له عليهما. قال: [وولاء أم الولد لسيدها إذا ماتت] يعني إذا عتقت بموت سيدها فولاؤها له يرثها أقرب عصبته وهذا قول عمر, وعثمان وبه قال عامة الفقهاء وقال ابن مسعود تعتق من نصيب ابنها فيكون ولاؤها له وعن ابن عباس نحوه وعن على لا تعتق ما لم يعتقها وله بيعها وبه قال جابر بن زيد وأهل الظاهر وعن ابن عباس نحوه ولذكر الدليل على عتقها موضع غير هذا, ولا خلاف بين القائلين بعتقها أن ولاءها لمن عتق عليه ومذهب الجمهور أنها تعتق بموت سيدها من رأس المال فيكون ولاؤها له لأنها عتقت بفعله من ماله فكان ولاؤها له, كما لو عتقت بقوله ويختص ميراثها بالولاء بالذكور من عصبة السيد كالمدبر والمكاتب. قال: [ومن أعتق عبده عن رجل حى بلا أمره أو عن ميت, فالولاء للمعتق] هذا قول الثوري والأوزاعي والشافعي وأبي حنيفة, وأبي يوسف وداود وروى عن ابن عباس أن ولاءه للمعتق عنه وبه قال الحسن ومالك, وأبو عبيد لأنه أعتقه عن غيره فكان الولاء للمعتق عنه كما لو أذن له ولنا, قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (( الولاء للمعتق )) ولأنه أعتق عبده من غير إذن غيره فكان الولاء له كما لو لم يقصد شيئا. قال: [وإن أعتقه عنه بأمره فالولاء للمعتق عنه بأمره] وبهذا قال جميع من حكينا قوله في المسألة الأولى إلا أبا حنيفة, ووافقه أبو يوسف ومحمد بن الحسن وداود, فقالوا: الولاء للمعتق إلا أن يعتقه عنه على عوض فيكون له الولاء ويلزمه العوض, ويصير كأنه اشتراه ثم وكله في إعتاقه أما إذا كان عن غير عوض فلا يصح تقدير البيع فيكون الولاء للمعتق لعموم قوله عليه السلام: (( الولاء للمعتق )) وعن أحمد مثل ذلك ولنا, أنه وكيل في الإعتاق فكان الولاء للمعتق عنه كما لو أخذ عوضا, فإنه كما يجوز تقدير البيع فيما إذا أخذ عوضا يجوز تقدير الهبة إذا لم يأخذ عوضا فإن الهبة جائزة في العبد, كما يجوز البيع والخبر مخصوص بما إذا أخذ عوضا وكسائر الوكلاء, فنقيس عليه محل النزاع. قال: [ومن قال: أعتق عبدك عني وعلى ثمنه فالثمن عليه والولاء للمعتق عنه] لا نعلم في هذه المسألة خلافا وأن الولاء للمعتق عنه, لكونه أعتقه عنه بعوض ويلزمه الثمن لأنه أعتقه عنه بشرط العوض فيقدر ابتياعه منه ثم توكيله في عتقه, ليصح عنه فيكون الثمن عليه والولاء له كما لو ابتاعه منه ثم وكله في عتقه.
|